الأربعاء، 18 مارس 2009

النشاط الثقافي التبادلي .. اقتراح يستحق التنفيذ

إذا كان العالم اليوم أصبح قرية صغيرة تستطيع أن تجوبه شرقا وغربا .. شمالا وجنوبا .. عبر الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية والشبكات الإلكترونية المفتوحة والمغلقة .. وإذا كنا نعيش اليوم عصر التحالفات العسكرية والتكتلات الاقتصادية .. وعصر معايير الجودة والاعتماد التي تلهث كل النظم بما فيها نظم التعليم إلى تطبيقها .. فإن الأمر الذي يدعو للتعجب حقا أن عددا غير قليل من جامعاتنا العربية لم تع حقيقة الموقف .. ففي سباق تلك الجامعات للتوسع في افتتاح كليات وأقسام جديدة تركز على دراسة تخصصات متنوعة غفلت عن أمر غاية في الأهمية والخطورة .. هو ضرورة التكامل والاندماج العلمي والثقافي بين أقسام الكلية الواحدة من جهة.. وبين كليات ومعاهد ومراكز الجامعة ككل من جهة أخرى .. وإني أتعجب أشد التعجب من جامعات عربية تشتمل على كثير من الكليات والمراكز المتنوعة ، بداخل كل منها العديد من الأقسام المتخصصة .. وليس بين هذه الكليات وتلك الأقسام من رابط سوى انها تنتمي بالاسم فقط أو بالتبعية الإدارية لجامعة واحدة .. فكل كلية تعمل بمعزل عن الكليات والمراكز الأخرى .. بل وكل قسم من أقسام الكلية الواحدة يعمل بمعزل عن الأقسام الأخرى بحجة الاستقلال الأكاديمي للأقسام .. وما قد يزيد التعجب تعجبا أن كليات الجامعة الواحدة .. وأقسام الكلية الواحدة قد لاتدري شيئا عن بعضها البعض ، بل قد يحدث تداخل وتكرار في بعض الأدوار والمهام والإنجازات ، فتوجد كليات متناظرة ، وأقسام متناظرة دون أدنى تنسيق بينها .. إننا بذلك نهدر الكثير من الجهد والمال وربما لانحقق شيئا مما نرنو إليه من مخرجات التعليم بتلك الجامعات .. في تصوري أن حال جامعاتنا العربية لن ينصلح إلا إذا أصبحت جميع وحداتها من الكليات والمراكز والأقسام كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .. ولن يكون للجامعة من دور فعال لخدمة أي مجتمع عربي مالم تكن جميع قطاعات تلك الجامعة مترابطة متكاملة كأعضاء الأسرة الواحدة .. ولعل في مقدمة السبل لذلك التعاون العلمي بين أقسام الكليات الواحدة ، وبين كليات الجامعة الواحدة ، وبين جامعات البلد الواحد ، وبين جامعات الوطن العربي ، وبين جامعات العالم ، والتكامل فيما بينها .. والاندماج الثقافي الوظيفي بين كل من هذه الأقسام والكليات والجامعات .. ولتكن البداية إجرائيا بتفعيل سبل النشاط الثقافي التبادلي الوظيفي بين أقسام الكلية الواحدة .. وعلى سبيل المثال لو أن كلية مثل كلية التربية للبنات الأقسام الأدبية بها عدة أقسام .. فإن قسم التربية وعلم النفس منوط به التدريب المستمر لأعضاء هيئة التدريس بالأقسام الأخرى بهدف تنمية مهاراتهم المهنية .. وأقسام اللغات منوط بها تدريبهم على مهارات اللغة .. وهكذا .. إن قسما أو كلية تعجز عن تقديم العون الثقافي لقسم آخر أو كلية أخرى بالجامعة الواحدة يصعب عليها تقديم هذا العون الثقافي لطلابها ومن ثم لأفراد المجتمع المحيط بها.
أ.د/ ماهر إسماعيل صبري .. كلية التربية للبنات جامعة طيبة

ليست هناك تعليقات: